أولاً: في الفرض:
- القيام في الفرض مع القدرة ركن لا تصح الصلاة إلا به؛ لحديث عمران بن حصين: ((صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب)) رواه البخاري.
- من عجز عن القيام فله أن يصلي جالساً لكن لا يسقط عنه الركوع والسجود إن قدر عليه، قال ابن قدامة: "ومن قدر على القيام، وعجز عن الركوع أو السجود، لم يسقط عنه القيام، ويصلي قائما، فيومئ بالركوع، ثم يجلس فيومئ بالسجود". اهـ من (المغني)، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه؛ لحديث: ((صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك)) رواه البيهقي والطبراني وصححه الألباني، قال النووي: وكيف قعد جاز والخلاف في الأفضل. اهـ، فالجمهور أن الأفضل أن يصلي متربعاً، روى النسائي عن عائشة: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي متربعاً" صححه الألباني، وعند الشافعية وجه أن الأفضل الافتراش، أما هيئة الركوع والسجود: فقال النووي:
"وأما ركوع القاعد:
فأقله أن ينحني قدر ما يحاذي جبهته ما وارء ركبتيه من الأرض، وأكمله أن ينحني بحيث يحاذي جبهته موضع سجوده، وأما سجوده فكسجود القائم.
فإن عجز عن الركوع والسجود علي ما ذكرنا أتى بالممكن، ولو قدر القاعد على ركوع القاعد وعجز عن وضع الجبهة على الأرض نظر:
إن قدر على أقل ركوع القاعد أو أكمله بلا زيادة فعل الممكن مرة عن الركوع ومرة عن السجود ولا يضر استواؤهما.
وإن قدر على زيادة على كمال الركوع وجب الاقتصار في الانحناء للركوع على قدر الكمال ليتميز عن السجود ويجب أن يقرب جبهته من الأرض للسجود أكثر ما يقدر عليه"
- من عجز عن القعود: فإنه يصلي على جنبه، مستقبل القبلة بوجهه، وهذا قول مالك، والشافعي، وأحمد؛ لحديث: ((فإن لم تستطع فعلى جنب))، وقال أصحاب الرأي: يصلي مستلقيا، ووجهه ورجلاه إلى القبلة.
- فعند الجمهور: المستحب أن يصلي على جنبه الأيمن، فإن صلى على الأيسر، جاز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعين جنبا بعينه، وإن صلى على ظهره، مع إمكان الصلاة على جنبه: قولان عندهم:
يصح: وهو ظاهر كلام أحمد.
لا يصح: اختاره ابن قدامة والنووي، قال ابن قدامة: لأنه خالف أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- في قوله: ((فعلى جنب))، ولأنه نقله إلى الاستلقاء عند عجزه عن الصلاة على جنبه، قال في الحديث: ((وإن لم يستطع أن يصلي قاعداً صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع صلى مستلقياً ورجلاه مما يلي القبلة)) [رواه الدارقطني وضعفه الألباني]، فيدل على أنه لا يجوز ذلك مع إمكان الصلاة على جنبه.
ثانياً: في النفل:
(بتصرف واختصار من المغني والمجموع وفتح الباري وشرح مسلم للنووي)
- يجوز فعل النافلة قاعداً مع القدرة على القيام بالإجماع، وله نصف الأجر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم-: ((من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم)) متفق عليه.
- أما مع العذر فأجره قاعداً كأجره قائما بلا خلاف سواء في الفريضة أو النافلة.
- قال النووي: والأصح عندنا جواز التنفل مضطجعا للقادر على القيام والقعود للحديث الصحيح في البخاري "ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد". اهـ (النوم فسره البخاري بالاضطجاع وهو النوم على جنب، بخلاف الاستلقاء على الظهر، كما سيأتي)، وروى الترمذي بإسناده عن الحسن قال: إن شاء الرجل صلى صلاة التطوع قائما وجالسا ومضطجعا، وهو وجه عند المالكية.
- إذا جازت النافلة بالقعود والاضطجاع مع القدرة، فهل يجزئ الاقتصار على الإيماء بالركوع والسجود أم يشترط أن يركع ويسجد؟ قولان:
يشترط أن يركع ويسجد: عند متأخري الشافعية.
هو مخير في الركوع والسجود:
أما القاعد: فإن شاء ركع من قيام، وإن شاء من قعود ويسجد أو يومئ به؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- فعل الأمرين، قالت عائشة" "فكان يقرأ قاعدا، حتى إذا أراد أن يركع، قام فقرأ نحوا من ثلاثين آية، أو أربعين آية، ثم ركع" متفق عليه، وعنها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ليلا طويلا قائما، وليلا طويلا قاعدا، وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد" رواه مسلم، وهو قول الحنابلة والمالكية، و بوب البخاري "باب صلاة القاعد بالإيماء".
أما المضطجع: فهو وجه عند الشافعية اختاره النووي أنه يجزئه الإيماء بهما.
قال النووي: يستوي فيما ذكرناه جميع النوافل المطلقة، والراتبة، وصلاة العيد، والكسوف، والاستسقاء، أما الجنازة فالمذهب أنها لا تصح قاعدا مع القدرة؛ لأن القيام معظم أركانها.
- تنبيه: قيد النووي حالات جواز ترك القيام في النافلة مع القدرة بالقعود والاضطجاع، قال: فإن استلقى مع إمكان الاضطجاع لم يصح. اهـ (من شرح مسلم)، فالاستلقاء يعني على قفاه - لا يصح إلا مع عدم القدرة على غيره بخلاف القعود والاضطجاع الذين يصحان مع القدرة على القيام.
فيلاحظ الفروق بين الفريضة والنافلة في هذه المسألة:
- الفريضة لا يصح الانتقال من هيئة إلى أدنى منها إلى مع العذر، أما النافلة فيصح مع القدرة الانتقال إلى القعود والاضطجاع دون الاستلقاء.
- الركوع والسجود لا يتعلقان بالقيام في الفريضة، فمتى قدر عليهما لم يسقطا بسقوط القيام، أما في النافلة فإنهما تبع للقيام فإذا تركه جاز تركهما.
والله أعلم.